فصل: الباب التاسع عشر في القرض والاستقراض والاستصناع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الباب التاسع عشر في القرض والاستقراض والاستصناع:

وَيَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَيُمْلَكُ الْمَقْبُوضُ بِالْقَرْضِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ الْفَاسِدَ تَمْلِيكٌ بِمِثْلٍ مَجْهُولٍ فَيُفْسِدُ وَمِلْكُهُ بِالْقَبْضِ كَالْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قَرْضٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ.
فَأَمَّا فِي الْقَرْضِ الْجَائِزِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الرَّدِّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَكِنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَيَصِحُّ اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ وَزْنًا لَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي.
وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ لَا ضَرُورَةَ وَلَا خَيْرَ فِي قَرْضِ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ بِالْوَزْنِ وَكَذَلِكَ التَّمْرُ، وَإِنْ كَانَ حَيْثُ يُوزَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَقْرَضَ الدَّقِيقَ وَزْنًا لَا يَرُدُّهُ وَزْنًا وَلَكِنْ يَصْطَلِحَانِ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا اسْتِحْسَانًا إذَا تَعَارَفَ النَّاسُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَسَائِرِ الرَّيَاحِينِ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ.
فَأَمَّا الْحِنَّاءُ وَالْوَسْمَةُ وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تُكَالُ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِقْرَاضِهَا هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَاسْتِقْرَاضُ الْقِرْطَاسِ عَدَدًا جَائِزٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْجَوْزِ كَيْلًا وَكَذَا اسْتِقْرَاضُ الْبَاذِنْجَانِ عَدَدًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ عَنْ ابْنِ سَلَّامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَرْضُ اللَّبِنِ وَالْآجُرُّ عَدَدًا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَتَفَاوَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَاسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَزْنًا يَجُوزُ كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَاسْتِقْرَاضُ الْعَجِينِ فِي بِلَادِنَا يَجُوزُ وَزْنًا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
وَاسْتِقْرَاضُ الزَّعْفَرَانِ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ كَيْلًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَاسْتِقْرَاضُ الْجَمْدِ وَزْنًا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ فِي الصَّيْفِ وَسَلَّمَ فِي الشِّتَاءِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَالْجَمْدُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْدِ لَا آخُذُ الْعَامَ مِنْك قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَا أَعْلَمُ هَهُنَا بَدِيلُهُ سِوَى أَنْ يَدْفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمْدُ مِثْلَ وَزْنِهِ جَمْدًا وَيَطْرَحُ فِي مُجَمَّدَةِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَبْرَأَ عَمَّا عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُخْرَجُ عِنْدِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِ مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً فَأَعْطَى مِثْلَهَا بَعْدَمَا تَغَيَّرَ سِعْرُهَا فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثُهَا فِضَّةً وَثُلُثَاهَا صُفْرًا فَاسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْهَا عَدَدًا وَهِيَ جَارِيَةٌ بَيْنَ النَّاسِ عَدَدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا وَزْنًا لَمْ يَجُزْ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ تَعَامَلَ النَّاسُ التَّبَايُعَ بِهَا عَدَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُئِلَ عَنْ السِّرْقِينِ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ هَلْ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ أَمْ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَقَالَ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَذَكَرَ فِي وَاقِعَاتِ حُسَامِ الدِّينِ السِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ تَجِبُ عَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ.
وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ أَقْرَضَ مُؤَجَّلًا أَوْ شَرَطَ التَّأْجِيلَ بَعْدَ الْقَرْضِ فَالْأَجَلُ بَاطِلٌ وَالْمَالُ حَالٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِقَرْضٍ مِنْ مَالِهِ فُلَانًا إلَى شَهْرِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّلَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى أَحَدٍ بِدَيْنِهِ فَيُؤَجِّلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الصَّرْفِ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ يَكْرَهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةٍ قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ بِأَنْ أَقْرَضَ غَلَّةً لِيَرُدَّ عَلَيْهِ صِحَاحًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ مَتَاعًا بِثَمَنٍ غَالٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءُ الْمَتَاعِ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ بَعْدَ الْقَرْضِ بِثَمَنٍ غَالٍ فَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ وَقَالَ مَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الصَّرْفِ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ لَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا قَالَ لَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ دُونَ الْكَرَاهَةِ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ الْمُسْتَقْرِضُ إذَا أَهْدَى لِلْمُقْرِضِ شَيْئًا لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَفَضَ قَوْلَ السَّلَفِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ شِرَاءُ الْمَتَاعِ بِثَمَنٍ غَالٍ مَشْرُوطَةً فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَحْمُولٌ عَلَى إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْهَدِيَّةُ مَشْرُوطَةً فِي الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا إذَا تَقَدَّمَ الْقَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ.
فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْبَيْعُ عَلَى الْقَرْضِ.
(وَصُورَةُ ذَلِكَ): رَجُلٌ طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْمُعَامَلَةَ مِنْ الطَّالِبِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ أَقْرَضَ سِتِّينَ دِينَارًا حَتَّى صَارَ لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِائَةَ دِينَارٍ وَحَصَلَ لِلْمُسْتَقْرِضِ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إمَامِ بَلْخٍ فَإِنَّهُ رَوَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ سِلَعٌ وَكَانَ إذَا اسْتَقْرَضَ إنْسَانًا مِنْهُ شَيْئًا كَأَنْ يَبِيعَهُ أَوَّلًا سِلْعَةً بِثَمَنٍ غَالٍ ثُمَّ يُقْرِضُهُ بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى تَمَامِ حَاجَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا قَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ الْخَصَّافِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا بَأْسَ بِهَدِيَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَرْضُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لِأَجْلِ الْقَرْضِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لَا لِأَجْلِ الْقَرْضِ بَلْ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا لَا يَتَوَرَّعُ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مَعْرُوفًا بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَالَةُ حَالَةُ الْإِشْكَالِ فَيَتَوَرَّعُ عَنْهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَهْدَى لَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ.
فَأَمَّا الْأَفْضَلُ فَأَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَدْعُوهُ أَوْ كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَيَكُونُ خَبِيثًا وَإِذَا رَجَحَ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ الرُّجْحَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ فَظَفِرَ بِدَرَاهِمَ مَدْيُونِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ الْمَدْيُونِ إذَا لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمُ الْمَدْيُونِ أَجْوَدَ أَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً، وَإِنْ ظَفَرَ بِدَنَانِيرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ.
الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَنْقَصَ مِمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبِلَ جَازَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ خِلَافَ الْجِنْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَزْنًا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ جَازَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الدَّانَقَ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ كَثِيرٌ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الدِّرْهَمِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نِصْفُ الدِّرْهَمِ فِي الْمِائَةِ كَثِيرٌ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً لَا تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ يَرُدُّ الزِّيَادَةَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ فَأَعْطَاهُ الزِّيَادَةَ اخْتِيَارًا هَلْ تَحِلُّ الزِّيَادَةُ لِلْقَابِضِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَدْفُوعَةَ مُكَسَّرَةً أَوْ صِحَاحًا لَا يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ لَا يَجُوزُ إذَا عَلِمَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صِحَاحًا يَضُرُّهَا الْكَسْرُ فَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ بِأَنْ كَانَ يُوجَدُ بِهَا دِرْهَمٌ خَفِيفٌ يَكُونُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَلَوْ أَقْرَضَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ بِالْبَصْرَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتُكْرَهُ السَّفْتَجَةُ إلَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ مُطْلَقًا وَيُوفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا عَلَى أَنْ أُعِيرَك أَرْضِي هَذِهِ تَزْرَعُهَا مَادَامَ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْ فَزَرَعَ الْمُقْرِضُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَأَكْرَهُ لَهُ هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الْفُلُوسَ أَوْ الْعَدَالِي فَكَسَدَتْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةٌ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِحَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةِ بِبُخَارَى ثُمَّ لَقِيَ الْمُسْتَقْرِضَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُمْهِلُهُ قَدْرُ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيلَ هَذَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلَدٍ تُنْفِقُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لَكِنَّهَا لَا تُوجَدُ فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا.
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُنْفِقُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ أَقْرَضَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُقْرِضُ سَقَطَتْ الْخَمْرُ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُسْتَقْرِضُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سُقُوطُهَا وَعَنْهُ أَنْ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
اسْتَقْرَضَ وَزْنِيًّا أَوْ كَيْلِيَّا فَانْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ حَتَّى يُدْرِكَ الْحَرْثَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ جِيَادٌ فَأَخَذَ مِنْهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً وَرَضِيَ بِهَا جَازَ فَإِنْ أَنْفَقَهَا كُرِهَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَكْرَهُ اسْتِقْرَاضَ الْمُزَيَّفَةِ وَالنَّبَهْرَجَةِ وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِثْلُهَا فَإِنْ كَسَدَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَطْلُوبَ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوَثِّقَ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ طَعَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَقْرَضَ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ قَالَ لِلْمُسْتَقْرِضِ اصْرِفْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّنَانِيرِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَعَ فُلَانٍ فَفَعَلَ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ شَخْصًا فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَقَالَ يَجُوزُ فَإِنْ أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَقْرِضُ بِاخْتِيَارِهِ جَازَ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ مِنْهَا إلَى الْأَجَلِ صَحَّ الْحَطُّ وَالْمِائَةُ حَالَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ جَاحِدًا لِلْقَرْضِ فَالْمِائَةُ إلَى الْأَجَلِ.
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ بِدَرَاهِمَ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الْقَرْضُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ إنْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهَا فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَبَ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ كُرُّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ مَالَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَجُوزُ، وَإِنْ افْتَرَقَا ثُمَّ إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكُرِّ عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْقَرْضُ الْمَقْبُوضُ مُسْتَهْلَكًا كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا عِنْدَ الْكُلِّ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ إذَا كَانَ قَرْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى مَا عَلَيْهِ بِكُرٍّ مِثْلُهُ جَازَ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ دَيْنًا إلَّا إذَا قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ وَجَدَ بِالْقَرْضِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقْرَضَ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ هَذَا الْكُرَّ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ كُرَّ الْقَرْضِ بِعَيْنِهِ صَحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا جِيَادٌ فَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ صَحَّ ثُمَّ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ هُنَا لَوْ افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ قَبْضِ الْبَدَلِ وَهُوَ الدَّنَانِيرُ يُبْطِلُ الصَّرْفُ، وَإِنْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْعَقْدُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ الْقَرْضَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً لَمْ يَرُدَّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا يَرُدُّهَا عَلَى الْمُقْرِض وَبَعْدَ هَذَا إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ نَقَضَ الدَّنَانِيرَ وَاسْتَوْفَى مِائَةَ دِرْهَمٍ جِيَادٍ فِي الْمَجْلِسِ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَل الصَّرْفُ وَكَانَ لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَسْتَرِدَّ دَنَانِيرَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا اشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَفِي الدَّنَانِيرِ الْجَوَابُ مَا ذُكِرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْفُلُوسِ إنْ كَانَتْ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَمَّا إذَا وَجَدَ الْفُلُوسَ سَتُّوقَةً وَقَدْ تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْفَتَاوَى الْخُلَاصَةِ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي التتارخانية.
وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهَؤُلَاءِ لَا يَمْلِكُونَ التَّبَرُّعَ وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا أُطْلِقَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا اُسْتُهْلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَقْرَضَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ حَتَّى يَعْتِقَ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُقْرِضُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَقْرِضْ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ وَقَبَضَ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ إلَى رَجُلٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا لَك عَلَيَّ فَبَعَثَ مَعَ الَّذِي أَوْصَلَ الْكِتَابَ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلٌ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَرْضًا قَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا لَهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا لِيَسْتَقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ إنْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ فُلَانًا الْمُرْسِلَ فَهِيَ لِلْمُرْسِلِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْنِي لِفُلَانٍ الْمُرْسِلِ فَأَقْرَضَهُ وَضَاعَ فِي يَدِهِ فَعَلَى الرَّسُولِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ يَجُوزُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ وَالرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لِلْآمِرِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَقْرَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَرْهَنَ يَصِيرُ الْوَكِيلُ رَاهِنًا بِدَيْنِهِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُقْرِضِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَهُ فِي أَرْضِ الْمُسْتَقْرِضِ فَقَدْ صَحَّ الْقَرْضُ وَصَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَابِضًا بِإِيصَالِهِ إلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَتَاهُ الْمُقْرِضُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَقْرَضَ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ فُلَانٌ جَازَ حَاضِرًا كَانَ أَوَغَائِبًا كَفَلَ أَوْ لَمْ يَكْفُلْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ فَقَالَ اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا زُيُوفًا أَوْ قَالَ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً وَأَنْفَقَهَا وَادَّعَى الْمُقْرِضُ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ وَلَا يُصَدَّقُ إذَا فَصَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ أَقْرِضْنِي قَفِيزَ حِنْطَةٍ أَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي هَذَا الْقَفِيزَ وَأَخْلِطْ بِهِ الْكُرَّ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْك فَفَعَلَ وَصَبَّ الشِّرَاءَ عَلَى الْقَرْضِ أَوْ الْقَرْضِ عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَصِيرُ قَابِضًا بِهِمَا جَمِيعًا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ قَرْضُهُ قَرْضٌ وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ عَارِيَّةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ خُذْهَا قَضَاءً لِحَقِّك فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ بِعْهَا بِحَقِّك فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَرَادَ الْمُقْرِضُ أَنْ يَأْخُذَ كُرَّهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
عِشْرُونَ رَجُلًا جَاءُوا وَاسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَدَفَعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إلَّا حِصَّتَهُ وَحَصَلَ بِهَذَا رِوَايَةَ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الْقَرْضِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الِاسْتِصْنَاعُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا جَرَى التَّعَامُلُ فِيهِ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْخُفِّ وَالْأَوَانِي الْمُتَّخِذَةُ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ إنْ جَازَ الِاسْتِصْنَاعُ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ إذَا بَيَّنَ وَصْفًا عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ أَمَّا فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالِاسْتِصْنَاعِ فِي الثِّيَابِ بِأَنْ يَأْمُرَ حَائِكًا لِيَحِيكَ لَهُ ثَوْبًا بِغَزْلٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَفَّافِ اصْنَعْ لِي خُفًّا مِنْ أَدِيمِك يُوَافِقُ رِجْلِي وَيُرِيهِ رِجْلَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولُ لِلصَّائِغِ صُغْ لِي خَاتَمًا مِنْ فِضَّتِك وَبَيَّنَ وَزْنَهُ وَصِفَتَهُ بِكَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ لِسَقَّاءٍ أَعْطِنِي شَرْبَةَ مَاءٍ بِفَلْسٍ أَوْ احْتَجَمَ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرُ مَا يَشْرَبُ وَمَا يَحْتَجِمُ مِنْ ظَهْرِهِ مَعْلُومًا كَذَا فِي الْكَافِي.
الِاسْتِصْنَاعُ يَنْعَقِدُ إجَارَةً ابْتِدَاءً وَيَصِيرُ بَيْعًا انْتِهَاءً قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِسَاعَةٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ لَهُ الْخِيَارَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُسْتَصْنِعُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ جَاءَ بِهِ مَفْرُوغًا عَنْهُ لَا مِنْ صَنْعَتِهِ أَوْ مِنْ صَنْعَتِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ الصَّانِعُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ جَازَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ ضُرِبَ الْأَجَلُ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ صَارَ سَلَمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ وَعِنْدَهُمَا يَبْقَى اسْتِصْنَاعًا وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لِلتَّعْجِيلِ، وَإِنْ ضُرِبَ الْأَجَلُ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ صَارَ سَلَمًا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذَا إذَا كَانَ ضَرَبَ الْمُدَّةَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْهَالِ بِأَنْ قَالَ شَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْجَالِ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَفْرُغَ مِنْهُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ لَا يَصِيرُ سَلَمًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الصُّغْرَى.
رَجُلٌ اسْتَصْنَعَ رَجُلًا فِي شَيْءٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَصْنُوعِ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُك وَقَالَ الصَّانِعُ بَلْ فَعَلْت قَالُوا لَا يَمِينَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ ادَّعَى الصَّانِعُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك اسْتَصْنَعْت إلَيَّ فِي كَذَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

.الباب العشرون في البياعات المكروهة والأرباح الفاسدة:

الْعَرِيَّةُ الَّتِي فِيهَا الرُّخْصَةُ هِيَ الْعَطِيَّةُ دُونَ الْبَيْعِ وَتَفْسِيرُ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ مِنْ بُسْتَانِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ يَشُقُّ عَلَى الْمُعْرِي دُخُولَ الْمُعَرَّى لَهُ فِي بُسْتَانِهِ كُلَّ يَوْمٍ لِكَوْنِ أَهْلِهِ فِي الْبُسْتَانِ وَلَا يَرْضَى مِنْ نَفْسِهِ خَلْفَ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَيُعْطِيَهُ مَكَانَ ذَلِكَ تَمْرًا مَجْذُوذًا بِالْخَرْصِ لِيَدْفَعَ ضَرَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ مُخْلِفًا لِلْوَعْدِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْعِينَةِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرُهَا أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْمُحْتَاجُ إلَى آخَرَ وَيَسْتَقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يَرْغَبُ الْمُقْرِضُ فِي الْإِقْرَاضِ طَمَعًا فِي الْفَضْلِ الَّذِي لَا يَنَالُهُ فِي الْقَرْضِ فَيَقُولُ لَيْسَ يَتَيَسَّرُ عَلَيَّ الْإِقْرَاضُ وَلَكِنْ أَبِيعُك هَذَا الثَّوْبَ إنْ شِئْت بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ فِي السُّوقِ عَشَرَةٌ لِتَبِيعَ فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ فَيَرْضَى بِهَا الْمُسْتَقْرِضُ فَيَبِيعُهُ الْمُقْرِضُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُشْتَرِي فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ لِيَحْصُلَ لِرَبِّ الثَّوْبِ رِبْحُ دِرْهَمَيْنِ بِهَذِهِ التِّجَارَةِ وَيَحْصُلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ قَرْضُ عَشَرَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرُهَا أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا فَيَبِيعَ الْمُقْرِضُ ثَوْبَهُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الثَّالِثِ الَّذِي أَدْخَلَاهُ بَيْنَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَيُسَلِّمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الثَّالِثَ يَبِيعُ الثَّوْبَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيُسَلِّمُ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ وَيَدْفَعُهَا إلَى طَالِبِ الْقَرْضِ فَيَحْصُلُ لِطَالِبِ الْقَرْضِ عَشَرَةَ دَرَاهِمِ وَيَحْصُلُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْعِينَةُ جَائِزَةٌ مَأْجُورٌ مَنْ عَمِلَ بِهَا كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الْبَيْعُ الَّذِي تَعَارَفَ أَهْلُ زَمَانِنَا احْتِيَالًا لَلرِّبَا وَسَمَّوْهُ بَيْعَ الْوَفَاءِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَهْنٌ وَهَذَا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يُطْلِقُ لَهُ الِانْتِفَاعَ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَكَلَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَاسْتَهْلَكَ مِنْ شَجَرَةٍ وَالدَّيْنُ سَاقِطٌ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ إذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى السَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَفَتْوَى الْقَاضِي عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ بِبُخَارَى وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِدَيْنٍ لَك عَلَيَّ عَلَى أَنِّي مَتَى قَضَيْت الدَّيْنَ فَهُوَ لِي أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى دَفَعْت لَك الثَّمَنَ تَدْفَعُ الْعَيْنَ إلَيَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَا الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ الْمُدَّةُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَالَ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
بَاعَ كَرْمَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا بَاتًّا وَسَلَّمَ وَغَابَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْكَرْمَ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ وَلِكُلٍّ وَرَثَةٌ فَلِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَسْتَخْلِصُوهُ مِنْ أَيْدِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرْجِعُوا بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ إلَى بَائِعِهِ فِي تَرِكَتِهِ الَّتِي فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدُّوهُ وَيَحْبِسُوهُ بِدَيْنِ مُورِثِهِمْ إلَى أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ سُئِلَ عَنْ كَرْمٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بَاعَتْ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا مِنْ الرَّجُلِ وَاشْتَرَطَتْ أَنَّهَا مَتَى جَاءَتْ بِالثَّمَنِ رُدَّ عَلَيْهَا نَصِيبُهَا ثُمَّ بَاعَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ هَلْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ قَالَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُعَامَلَةٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ الْكَرْمِ فِي يَدِهَا أَوْ فِي يَدِ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ بَيْعُ الْوَفَاءِ وَبَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
التَّلْجِئَةُ هِيَ الْعَقْدُ الَّذِي يُنْشِئُهُ لِضَرُورَةِ أَمْرٍ فَيَصِيرُ كَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ إنِّي أُظْهِرُ أَنِّي بِعْت دَارِي مِنْك وَلَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُ فِي الظَّاهِرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ التَّلْجِئَةُ فِي الْبَدَلِ نَحْوَ أَنْ يَتَّفِقَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ وَيَتَبَايَعَانِ فِي الظَّاهِرِ بِأَلْفَيْنِ فَالثَّمَنُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي السِّرِّ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُمَا هَزَلَا فِي الزِّيَادَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الظَّاهِرِ وَالثَّالِثِ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْبَاطِنِ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَتَبَايَعَانِ فِي الظَّاهِرِ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقِيَاسُ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي الْحَاوِي وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْعُ التَّلْجِئَةِ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَاهُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّاهُ بَطَلَ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ اتَّفَقَا أَنْ يُقِرَّا بِبَيْعٍ لَمْ يَكُنْ فَأَقَرَّا بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ بِإِجَازَتِهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي.
ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّلْجِئَةَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
بَيْعُ الزُّنَّارِ مِنْ النَّصَارَى وَالْقَلَنْسُوَةِ مِنْ الْمَجُوسِ لَا يُكْرَهُ وَبَيْعُ الْمُكَعَّبِ الْمُفَضَّضِ مِنْ الرَّجُلِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلُبْسٍ يُكْرَهُ وَبَيْعُ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي عَلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَضُرَّ قُعُودِهِ لِلنَّاسِ لَسَعَةِ الطَّرِيقَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِمْ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا لَا يَقْعُدُ فَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْهُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ التَّاجِرِ شَيْئًا هَلْ يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ قَالُوا يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي بَلَدٍ وَزَمَانٍ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ هُوَ الْحَلَالَ فِي أَسْوَاقِهِمْ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْأَلَ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ وَيُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ رَجُلًا يَبِيعُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يُحْتَاطُ وَيَسْأَلُ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ.
رَجُلٌ مَاتَ وَكَسْبُهُ مِنْ الْحَرَامِ يَنْبَغِي لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَتَعَرَّفُوا فَإِنْ عَرَفُوا أَرْبَابَهَا رَدُّوا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا تَصَدَّقُوا بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ الْمَعِيبَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَهَا فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَصِيرُ فَاسِقًا مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَا نَأْخُذُ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صِغَارَ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ وَبَعْضُهَا كِبَارٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَصْرِفَهَا إلَى حَوَائِجِهِ.
سُئِلَ مَشَايِخُ بَلْخٍ عَنْ بَيْعِ الطِّينِ الَّذِي يُؤْكَلُ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي بَيْعُهُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ إلَّا لِلْأَكْلِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ وَيَقْتُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْأَشْرِبَةِ لِلْأَمَامِ السَّرَخْسِيِّ بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ خَمْرًا لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَبَيْعُ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ الْخَمْرَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ بَاعَ شَاةً مِنْ كَافِرٍ يَقْتُلُهُ خَنْقًا أَوْ يَضْرِبُ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى يَمُوتَ قَالُوا لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ.
رَجُلٌ اسْتَامَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَزَادَ رَجُلٌ آخَرَ فِي الثَّمَنِ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَأَنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيُرَغِّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي الزِّيَادَةِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ النَّجْشُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اسْتَامَ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى يُرَغِّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَا إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ لِحَاجَتِهِ فَطَلَبَ مِنْهُ بِدُونِ قِيمَتِهِ فَزَادَ رَجُلٌ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهَذَا مَحْمُودٌ غَيْرُ مَذْمُومٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ وَهُوَ بَيْعُ الْفُقَرَاءِ وَبَيْعُ مَنْ كَسَدَتْ بِضَاعَتُهُ.
وَالِاسْتِيَامُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ مَكْرُوهٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إذَا كَانَ يُنَادِي عَلَى سِلْعَتِهِ فَطَلَبَهَا إنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَكَفَّ عَنْ النِّدَاءِ وَرَكَنَ إلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْ النِّدَاءِ فَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ وَيَكُونُ هَذَا بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَلَا يَكُونُ اسْتِيَامًا عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ الدَّلَّالُ هُوَ الَّذِي يُنَادِي عَلَى السِّلْعَةِ وَطَلَبَهَا إنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَقَالَ الدَّلَّالُ حَتَّى أَسْأَلَ الْمَالِكَ فَلَا بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنْ أَخْبَرَ الدَّلَّالُ الْمَالِكَ فَقَالَ بِعْهُ بِذَلِكَ وَاقْبِضْ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكُرِهَ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلْدَةِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ رَغْبَةً فِي الثَّمَنِ الْغَالِي فَيُكْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَقِيلَ صُورَتُهُ أَنْ يَجِيءَ الْبَادِي بِالطَّعَامِ إلَى مِصْرٍ فَيَتَوَكَّلَ الْحَاضِرُ عَنْ الْبَادِي وَيَبِيعَ الطَّعَامَ وَيُغَالِيَ السِّعْرَ وَفِي الْمُجْتَبَى هَذَا التَّفْسِيرُ أَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَكُرِهَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَالْمُعْتَبَرُ الْأَذَانُ بَعْدَ الزَّوَالِ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا وَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ شَيْئًا وَرَبِحَ فِيهِ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا فَيُؤَثِّرُ الْخُبْثُ فِي الرِّبْحِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْخُبْثُ فِيهِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ هَذَا فِي الْخُبْثِ الَّذِي لِفَسَادِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْخُبْثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ كَالْغُصُوبِ وَالْأَمَانَاتِ إذَا خَانَ فِيهَا الْمُؤْتَمَنُ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَضَاهُ الْأَلْفَ وَتَصَرَّفَ الْقَابِضُ فِيهِ وَرَبِحَ ثُمَّ تَصَادَقَا إنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ طَابَ لَهُ رِبْحُهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ أَلْفًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُقْرِضَ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْأَلْفَ وَرَبِحَ فِيهَا طَابَ لَهُ الرِّبْحُ.
فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَاسْتَهْلَكَهَا فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِمِثْلِهَا فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ قُلْت إنَّ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فَأَبَى مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إذَا أَخَذَ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى قَبْلَهُ قَالَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ قِيمَتَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَأَعْطَاهُ الْآمِرُ وَضَحًا وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَتَاعِ غَلَّةً هَلْ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ قَالَ إنْ عَلِمَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَحَلَّلَهُ مِنْهُ فَهُوَ طَيِّبٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ فِي نَفْسِي مَا فِيهَا مِنْ هَذَا وَلَمْ يَجِبْ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَبَاعَهُ بِعَبْدٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ الثَّانِيَ بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَرْضَ بِدِرْهَمٍ فَعَلَى قَوْلِ الْأَمَامِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عَمَّا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَكَذَا لَوْ اغْتَصَبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِمَا عَرْضًا وَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ بَاعَهَا بِأَمَةٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْءُ الْأَمَةِ الْأُولَى قَالَ الْقَاضِي لَوْ بَاعَ هَذِهِ الْأَمَةَ الثَّانِيَةَ يَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْأُولَى الَّتِي ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَوَافَقَ الْإِمَامُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَوْ بَاعَ الْمَبِيعَةَ بَيْعًا فَاسِدًا بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِفَضْلٍ عَمَّا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَجَعَلَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ أَشَدَّ مِنْ الْغَصْبِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَقَدْ أَجَّرَهَا الْبَائِعُ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنِّي أَسْكُنُ حَتَّى تَتِمَّ الْإِجَارَةُ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَجْرُ لِلْبَائِعِ يَتَصَدَّقُ بِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْأَرْبَاحِ الْفَاسِدَةِ.
اشْتَرَى دَجَاجَةً بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بَاضَتْ الدَّجَاجَةُ خَمْسَ بَيْضَاتٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَاتِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ وَقِيمَةُ الدَّجَاجَةِ تَبْلُغُ عَشْرَ بَيْضَاتٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ وَلَوْ اشْتَرَى الدَّجَاجَةَ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَبَاضَتْ خَمْسًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ يَأْخُذُ الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ اشْتَرَى نَخْلًا بِمُدٍّ مِنْ رُطَبٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ النَّخْلَ حَتَّى حَمَلَتْ رُطَبًا فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ النَّخْلِ وَالرُّطَبُ الْحَادِثُ يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الرُّطَبِ الْحَادِثِ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى النَّخْلَ بِرُطَبٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ إنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ فَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ الْفَضْلَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَتَصَدَّقُ بِهِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَبَاعَهَا ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَرَدَّهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الثَّمَنِ الثَّانِي فَضَلَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنَّمَا طَابَ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى قِيَاسِ اللُّقَطَةِ قَالَ وَهَذَا الرِّبْحُ لَا يَطِيبُ لِهَذَا الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ يَكْتَسِبُهُ بِمَعْصِيَةٍ وَيَطِيبُ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ أَطْيَبُ لَهُمْ مِنْ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالرِّبْحِ حَتَّى عَمِلَ الثَّمَنَ وَرَبِحَ رِبْحًا وَبِيعَتْ فِيهَا بُيُوعٌ كُلُّهَا رِبْحٌ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَ مَالًا أَوْ عَمِلَ بِوَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ وَخَالَفَ فِيهَا وَرَبِحَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَلَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ الْغَصْبِ وَنَقَدَ الْغَصْبَ أَوْ اشْتَرَى بِالْغَصْبِ وَنَقَدَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَصَدَّقُ فِي هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَدًا ثُمَّ قَبَضَهُمَا وَفِيهِمَا زِيَادَةٌ وَفَضْلٌ كَثِيرٌ عَلَى الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ طَيِّبٌ وَلَوْ قُتِلَا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتْبَعَ الْقِيمَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَوْ قُتِلَ الْوَلَدَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ قِيمَتِهِ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْفَضْلَ لَمْ يَقَعْ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ عَبْدٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَدَفَعَ بِهِ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ لَوْ بَاعَ هَذَا الْعَبْدُ بِفَضْلٍ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ فِيهِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَا يُجَاوِزُ مَا كَانَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي صَارَ فِيهِ مِنْ الْفَضْلِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَوْ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ بِعَرْضٍ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ دَنَانِيرَ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنِّي أَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِالْجِنَايَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ يَوْمئِذٍ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ يَوْمئِذٍ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ الْفَضْلِ وَإِلَى هَذَا الرِّبْحِ الَّذِي صَارَ فِي يَدِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبُيُوعِ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَبَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ ضَمَّنَهُ صَاحِبُ الْكُرِّ مِثْلَهُ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا طَابَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَقُتِلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْقِيمَةِ وَهِيَ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ حَتَّى ضَاعَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ بَقِيَ الْأَلْفُ الْآخَرُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ لَمْ يَضَعْ حَتَّى اشْتَرَى بِمَا رَبِحَ تَصَدَّقَ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَصَدَّقُ بِرِبْحِ الْأَلْفِ فَإِنْ هَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فِيهَا فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْأَلْفِ وَلَوْ كَانَ صَالَحَ مَعَ الْقَاتِلِ عَنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ فَكَذَلِكَ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ إلَّا فِي خَصْلَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ يَوْمَ قَبْضِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَيَكُونُ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ مَثَلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ الَّذِي فِي الْقِيمَةِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.